غريس في مقارنة ثقيلة مع جيل فالنتاين

Featured Image

يبدو أن لعبة Resident Evil Requiem، التي كشفت عنها "كابكوم" رسميًا خلال فعالية Summer Game Fest، تُعِد الأرضية خصبة لتحوّل سردي وجمالي في مسار السلسلة العريقة، من خلال تقديم نمط رعب نفسي يتجاوز الحدود التقليدية للرعب الذي ميّز العديد من إصداراتها السابقة.

 

ومع تقديم شخصية جديدة كليًا – غريس أشكروفت – في موقع البطولة، تبرز إشكالية مركزية لا يمكن تجاهلها، فهل بوسع غريس أن تتحرر من ثقل المقارنة الحتمية بجيل فالنتاين، أيقونة السلسلة ومجسّدة الكفاح النفسي والبدني في آنٍ معًا؟.


 

منذ اللحظة الأولى لظهورها في العرض الترويجي، تبدو غريس شخصية هشّة نفسيًا، تتلبّسها تبعات صدمة قديمة ارتبطت بمقتل والدتها أليسا أشكروفت في فندق "رينوود" قبل ثمانية أعوام، وهذه الخلفية الدرامية تمنح الشخصية عمقًا إنسانيًا يستدعي التعاطف، وتؤسس لتجربة سردية تدور في فضاء الرعب النفسي، حيث التهديد لا يكمن فقط في الخارج – في الزومبي أو الطفرات البيولوجية – وإنما يتسرّب أيضًا من الداخل، من تشققات الذات المصابة بالندوب.

 

ورغم اختلاف السياق النفسي والوظيفي بين غريس – المحققة الفيدرالية – وجيل – الجندية المحترفة – فإن القواسم المشتركة بينهما على صعيد المعاناة الداخلية والتجربة الوجودية تجعلهما في موضع مقارنة دائم، فقد عبرت جيل من خلال قصر "سبنسر"، وواجهت كوابيس "نيميسيس"، وانتهى بها الأمر أسيرة لتجارب ويسكر وتحت تحكمه العقلي، وهذه التراكمات صنعت من جيل شخصية أسطورية، لصمودها في مواجهة الانكسارات النفسية المتكررة، وفي ظل هذه الحمولة الرمزية، يبدو أن على غريس أن تثبت، منذ البداية، أنها أكثر من ظل أو نسخة مستحدثة لشخصية جيل.


 

إن عودة المخرج "كوشي ناكانيشي"، الذي صاغ ملامح Resident Evil 7، يعزّز التوقعات باتجاه سردية أكثر قتامة وتكثيفًا نفسيًا، كما أن تركيز اللعبة على فندق رينوود، بوصفه فضاءً مغلقًا مسكونًا بالذكريات والأشباح، يُمثّل انسلاخًا واعيًا عن النموذج الكلاسيكي للسلسلة، لصالح تجربة تنقيب نفسي وتحقيق سردي متدرج، ليتطلب هذا التحوّل بطلة تمتلك قدرة على التأمل الداخلي والمواجهة العقلية، أكثر من براعة التصويب أو الاشتباك.

 

ورغم أن المعلومات المتوفرة حول غريس لا تزال شحيحة، فإن ما يتسرّب من العرض الترويجي يشير إلى شخصية تجمع بين الذكاء الاستقصائي والتأثر العاطفي العميق، ما قد يجعلها، في حال تمّ تطويرها سرديًا بكفاءة، إضافة نوعية تمثّل الجيل الجديد من أبطال السلسلة، بل إن هناك مؤشرات على أن غريس قد لا تكون الشخصية الوحيدة القابلة للعب في اللعبة، وهو ما يفتح احتمالات لعودة جيل بصيغة مفاجئة أو دور محوري لاحق لم يُكشف بعد.


في المحصلة، تمثل Resident Evil Requiem اختبارًا مزدوجًا، اختبارًا لغريس كوجه جديد يتصدى لإرث سردي ثقيل، واختبارًا لكابكوم في مدى قدرتها على تجديد الدماء دون التضحية بالجوهر، وإذا كانت جيل قد جسّدت نموذج البقاء عبر القوة والإرادة، فإن غريس ربما تمهّد لطراز جديد من البطولة، حيث الرعب لا يُقهر بالقوة فقط، بل بالفهم، والتجاوز، والانعتاق من الماضي.

 

ذات صلة بالفئة نفسها

التعليقات (0)

اترك تعليقا

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق. تسجيل الدخول